الاثنين، 2 فبراير 2009

فن ونقد وحشيش


لطالما شغل بالي سؤال وأنا أقرأ كتابات نقادنا التشكيليين العظام , عن الخلطة والسلطة السحرية التي يتناولونها قبل الشروع في الكتابة وفي النهاية وبعد قراءة العديد من هذه الكتابات( النقدية ) وصلت إلى الجواب وكان و بكل بساطة.. أنهم يتناولون ذات النقد الذي يكتبونه..!إننا لو قارنا بين الكتابات الخاصة بالفن والنقد وفلسفة الجمال و … التي وثقت الحركة الفنية التشكيلية خاصة في أوربا والغرب , وبين الكتابات ذاتها التي لدينا لوجدنا فرقا شاسعا بينهما ولأكون صادقا ودقيقا أقول لا يوجد أي وجه للمقارنة ..و حتى لا نكون منتقدين لأجل الانتقاد فقط بل لنحلل ونعطي الأسباب ونقدم الحلول..و لنبدأ بالذي يكتب ثم ما الذي يكتب ؟ وعلى أية قاعدة يستند في كتاباته ؟لو بحثنا في طبيعة من يكتب في مجال الفن, وأنا أتكلم بالخصوص عن الفن التشكيلي بالخصوص, لوجدناه احد الاحتمالات التالية: ــ1 ـــ كاتب أو شاعر 50%.2 ـــ صحفي 35%.3 ـــ مشروع فنان فاشل 10%.4 ـــ فنان 4ــ 5%.5 ــ ناقد فن متخصص 0ــ 1%.تغني هذه الإحصائية القريبة جدا من الواقع إن لم يكن أتعس من ذلك , عن أي تفصيل وشرح لهذا الجانب حالياً..لو تساءلنا عن المواصفات الواجب توفرها في الكاتب المتخصص في الفن والتشكيل خصوصا و ماهي المجالات العلمية الواجب الإلمام بجانب مهم منها والثقافة الفنية التي يجب أن يمتلكها ليخوض هذه التجربة الإبداعية , وسوف أعطيكم أسباب تسميتها بالإبداعية لاحقا ..إن من يكتب عن تجربة فنان ما أو عن عمل فني أو مدرسة فنية أو مرحلة فنية.. عليه أن يعيد اكتشاف العمل الإبداعي وان يجول بين عناصر ومكونات ومقومات العمل الفني تلك التي استند إليها مبدع هذا العمل وقراءة الشفرات الموجودة بين ثناياه.. و تحليل المسببات والنتائج ليدخل في سلسلة من التفاعلات النفسية والجمالية والإبداعية والتأثيرات البيئية والمجتمعية والتربوية وغيرها...لا نعتبر أنفسنا مبالغين بهذه السلسلة البحثية والتحليلية الطويلة ذلك أنها جميعاً تشكل البناء الفني والإبداعي للفنان وبالتالي فان كل جزء منها سيلعب دورا مؤثرا في العملية الإبداعية فالمنتج الإبداعي...أي أننا نكون إزاء فك أسرار العمل الفني كمن يقرا حروف أبجدية لغة ثم كلماتها فجملها وأخيراً تتضح المعاني وتفهم على مستوى عال من الوضوح.. إن من يكتب عندنا يستند في الأعم الأغلب إلى قاعدة لها أربع أرجل وهي على التوالي: ( الجهل .. الغموض.. الكذب.. التلاعب بالألفاظ ) ..أغلب الذي يكتبون في الفن يجهلون تاريخ الفن ويجهلون معنى الفن نفسه ولا يمتلكون أية ثقافة فنية أو خبرة أو احتكاك حقيقي في بالمجال والوسط الفني وبالتالي يلجئون إلى الغموض ليغطوا هذا الجهل وحتى يعطي رأيه في فنان أو لوحة أو غيرها, ولأسباب متعددة سنناقشها في موضوع لاحق , سوف يتبجح بأي رأي يخدم توجه موضوعه فيرفع من شان أمر تافه هنا ويسبغ التعابير الفنية والألقاب على عمل لا علاقة له بالفن وهكذا ... وحتى يؤطر هذا المقال الفني المبتدع فسيغرقه في بحر من الألفاظ الحلزونية تتناثر ككرات مطاطية لا تستقر في مكان أو على وجه محدد .. وبالتالي ينتج لدينا موضوع يعكس صورة غير مفهومة للقراء بجميع مشاربهم وحتى الطبقة المثقفة والفنانين أنفسهم , ولسان حاله يقول : أنا أملك علما يفوق مدارك البشر لأنني أتكلم لغة لا يفك رموزها حتى أهل المريخ وسوف لن يكون الفنان فنانا ما لم أباركه بقلمي الذي لا يكتب بالحبر بل بالخمور الباهظة الثمن ورائحة الأوراق الخضر .. أما من يمكن أن نطلق عليهم اسم نقاد وهم من الذين يمتلكون 30)ـــ40%) فصاعدا من مقومات وإمكانات الناقد المتمكن من أدواته فقد سلكوا جانبا واحدا ومجتزئا من أوجه الكتابة الفنية وبدءوا يتفلسفون به جيئتاً وذهابا وأكثروا من الحشو مما أفقد النهج وبالتالي المادة الفنية أهميتها ودورها ثم أثرها .. وأصبحت كالمدائح والاستعراضات الصورية واللغوية الفقيرة التي يحصل منها القارئ على ضالتهمن معلومة ثقافية أو فنية تنمي ذائقته الفنية والجمالية أو تضفي عليه سحرا ينعش مخيلته بشكل يجعله يقرا الموضوع عدة مرات دون أن يفقد عنصر المتعة والاكتشاف في هذا المنتج الإبداعي ..هذا إن لم يسحبك إلى عالم السياسة والأحزاب والتيارات المتصارعة ودور الحزب والفكر الفلاني أو الشخصية الخارقة للعادة و التي ألهمت الفنانين والمبدعين و قلبتهم إلى كائنات ثورية جهنمية تتفجر فرشهم قنابل وتنطلق من لوحاتهم وإعمالهم الصواريخ وووو.... وإلى ذلك من الكتابات التعبوية الفارغة الموجهة والتي تحسب وحسبت ظلما على هذا المجال المهم والحساس والمبدع والمعقد في ذات الوقت...وقد شهدنا في مراحل سابقة أناس مثلوا هذه الظاهرة وحتى أيامنا هذه حيث تمتلئ الصحف والمجلات التي نتعثر بها .. لقد وجدوا مساحات وأماكن شاغرة لسبب ما فشغلوها بطرق متعددة من الأبواب المصطنعة أو الشبابيك الخالية من الزجاج ليطرحوا أنفسهم نقادا ومحللين وباحثين في الفن وهم لا يعدون سوى طارئين شكلوا قاعدة وهم شواذ......... .